عذراً فلسطينُ إذ لم نحمل القُضُبا :: ولم نَقُد نحوك المَهرية النجبا
عذراً فإن سيوف القوم قد صدئت :: وخيلهم لم تعد تستمرئُ التعبا
عذراً فإن السيوف اليوم وا أسفاً :: تخالها العين في أغمادها حطبا
عذراً؛ فإن عتاق الخيل مُنْهَكَة :: قد أورثتها سياط الغاصب الوصبا
عذراً فلسطينُ! إن الذلَّ قيَّدنا :: فكيف نُبقي عليكِ الدُّرَّ والذهبا؟
عذراً؛ فذا الدُّرُّ يُشْوَى خلف والده :: بنار باراك لا يدري لها ودبا
عذراً؛ فذا طفلكم يشكو فجيعته :: فلم يجد بيننا أمّاً له وأبا
عذراً فقومكِ قد ماتت شهامتهُمْ :: وثلَّم الذلُّ منهم صارماً عضبا
رأوكِ في الأسر فاحمرّت عيونهُمُ :: لذاك، وانتفخت أوداجهم غضبا
يستنكرون وما يُغنيكِ ما فعلوا :: ويشجبون وما تدرين مَن شجبا
وا حسرتاه على الأقصى يدنّسُهُ :: قردٌ ويهتزُّ في ساحاته طربا
قد كان فيما مضى عِزاً فوا كبدي :: أضحى أسيراً رهين القيد مُغتصوداً
كأنه لم يكن مسرى الرسول ولم :: يُصلِّ فيه يؤمُّ الصفوةَ النُجُبا
كأنه ما أتى الفاروق يُعتقه :: يوماً، وما وطئت أقدامه النَقودا
كأنه لم يُؤذِّن للصلاة به :: بلال يوماً، ففاض الدمع منسكبا
كأنما الأرض قد أخفت معالمهم :: ومزّقت ما حَوَوْا من عزَّة إرودا
لهفي على القدس كم جاس الظلوم بها :: وكم تقاسي صروف الدهر والنُوودا
تعيث فيها اليهود الغُتم مفسدةً :: وتزرع الشرَّ والإرهاب والشغبا
يستأسد القرد فيها بعد خِسَّته :: ويرفع الهامة الخنزير مغتصبا
كم أشعلوا نارهم فيها وكم هدموا :: من منزلٍ، وأهانوا والداً حَدِبا
وكم أسالوا دموع المؤمنات ضحىً :: وكم ظلوم بغى، أو غاصب غصبا
وكم أداروا كؤوس الموت مترَعةً :: فأيتموا طفلة أو شرَّدوا عزودَا
صبراً فما اسودَّ مِن ذا الليل جانبه :: إلا ليُؤْذن أن الفجر قد قَرُبا
إنِ استضاء بنار الحرب جمعهُمُ :: فعن قليل سيغشى جمعنا اللهبا
لن نستكين ولن نرضى بها بدلاً :: غداً نردُّ أذان الحق والسلبا
غداً نعيد فلسطين التي عُهِدَت :: من قودلِ خمسين عاماً دوحةً ورُبى
غداً نعيد لها التكبير تسمعه :: أُذْن الدُّنى، ونعيد الفقه والأدبا
غداً نعيد لها الزيتون نغرسه :: غرساً ونزرع فيها التين والعنبا
غداً سنقلع منها كُلَّ غرقدةٍ :: ونضرب الهام كيما نقطع الصخودا
+++++++
الشاعر/ أحمد بن عطية الزهراني
الخميس يونيو 05, 2008 10:30 am
